اخبار سريعة

ماذا ستأكل الأسرة على مائدة الإفطار؟

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

فاجأتنا مديرية حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية بتصريح من العيار الثقيل، فقد ”طمأنت“ملايين الأسر السورية أنها حددت آلية الرقابة على الأسواق خلال شهر الصيام من خلال سبر يومي للأسعار في المدن والأسواق الرئيسية“.

حسناً، لنفترض أن وزارة التجارة الداخلية، سواء بأجهزتها الرقابية، أم بتهديداتها لمن سيرفع الأسعار، أو بطرح تشكيلة وافرة من السلع والمواد التي يُقبل عليها الصائمون، قد نجحت بضبط الأسواق والأسعار ومنع الاحتكار، فإنها تجاهلت الإجابة عن السؤال الأهم: ماذا ستأكل ملايين الأسر السورية محدودة الدخل على موائد إفطارها؟.

قلناها، ونكررها مجدداً: مافائدة العرض الكبير من ”مالذ وطاب“ في الأسواق إن كانت ”العين بصيرة واليد قصيرة“،إذا كانت وزارة التجارة الداخلية جادة بتصريحاتها، فإنها فعلياً تعمل لمصلحة أصحاب الدخول العالية، أي المقتدرين مالياً، كي يقووا على شراء احتياجاتهم بكميات أكبر وبأسعار أقل.

وبدلاً من أن تركز الوزارة جهودها وإمكاناتها لضبط الأسعار والأسواق، كان من واجبها قبل حلول شهر الصيام أن تعقد عدة اجتماعات للإجابة عن سؤال واحد فقط: كيف نوفر السلع والمواد التي لم تغب عن موائد ملايين الأسر السورية في أشهر رمضان السابقة ولو بحدها الأدنى؟.

ولنفترض أن توفير السلع الرمضانية لمائدتي الإفطار والسحور، تفوق إمكانات أو صلاحيات وزارة التجارة الداخلية، فإن من واجبها أن ترفع المقترحات أو الآليات المناسبة للجنة الاقتصادية كي توافق عليها قبل بدء شهر رمضان الكريم، ومنها مثلاً بيع الأسر السورية من خلال البطاقة الذكية سلة غذائية تكفي لشهر الصيام بأسعار تناسب دخلها، فهل هكذا نوع من الاقتراحات وآليات المساعدة من المستحيلات؟!.

ولم يختلف الأمر كثيراً على صعيد الحكومة، فمجلس الوزراء ناقش ضرورة توفير السلع والمواد في الأسواق قبل شهر رمضان دون أن يجيب عن السؤال: من القادر على شراء ماتحتاجه موائد الإفطار فقط أي دون السحور؟.

من اللافت التحدث عن ”الزيادة التي تحصل عادة في طلب المواد الغذائية الخاصة بالمائدة الرمضانية“، وكأنّه تجاهل تماماً أن أسرة من أربعة أشخاص يتقاضى جميع أفرادها الحد الأعلى للأجور، بالكاد يمكنها تأمين الفلافل فقط على مائدة إفطارها!.

نعم كررت الوزارة في الأيام الأخيرة حرصها الشديد على تشديد الرقابة على أسعار المواد الأساسية من خضر وفواكه ولحوم وخبز وألبان وأجبان وحبوب وعصائر، وتركيزها على ”توفير كل المواد الغذائية التي يحتاجها المواطن يومياً“.

السؤال: هل يكفي الدخل لشراء كل المواد الغذائية التي تحتاجها أسرته يومياً على مائدة الإفطار فقط دون السحور؟.

لم يتردد التجار ولا باعة المفرق كعادتهم قبل أسبوع من شهر رمضان برفع الأسعار بما لايقل عن 15 %، وسبق ورفعوها بعد كارثة الزلزال بنسبة لاتقل عن 20 %، وهذا يعني فعلياً تخفيض القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية بنسبة 35% في شهر واحد، ولم يعد الحد الأدنى للأجر يشتري أكثر من كيلو هبرة غنم أو 1500 غرام هبرة عجل، أي أقل من 40 غراماً لحمة نيئة يومياً دون أي إضافات عليها، أكثر من ذلك فإن حسبة بسيطة تكشف أن أي طبخة أقل من عادية للأسرة لاتقل تكلفتها عن 25 ألف ليرة أي بمعدل 750 ألف ليرة شهرياً، دون تكاليف أخرى كالنقل وفواتير المياه والكهرباء والانترنت والموبايلات..

أما إذا كانت الطبخة عادية، وليست فاخرة، وتتضمن القليل فقط من اللحوم الحمراء والبيضاء، فإن تكلفتها بحدود 70 ألف ليرة يومياً أي أكثر من مليوني ليرة شهرياً!.

نعم، المسألة ليست بتشديد الرقابة لضبط الأسعار، ولابجهود جبارة لتوفير السلع والمواد التي اعتادت ملايين الأسر السورية على تواجدها على موائد الإفطار والسحور، وإنما بالإجابة عن السؤال: ماذا ستأكل ملايين الأسر السورية على موائد الإفطار بدخل بالكاد يكفي لشراء الفلافل؟.

الخلاصة: مايخفف من حجم مأساة الأسر السورية أن الآلاف منها يتلقى مساعدات خارجية، أي حوالات من أقربائها في المهجر، أو مساعدات على شكل سلال أو وجبات عذائية من جمعيات أهلية، أو مساعدات عينية من أهلهم في الريف، وهذا مايجعل موائد إفطارهم مقبولة إلى حد ما، لكنه يفضح بالمقابل التقصير الحكومي بتأمين الحد الأدنى من الأجور الكافي لتأمين متطلبات المعيشة حسب النص الدستوري الصريح والملزم.

غلوبال نيوز – علي عبود

اقرا ايضا: أوقاف ريف دمشق: تحديد قيمة فدية الصوم ب10 آلاف ليرة سورية استناداً إلى الواقع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى