اخبار سريعة

فطر “الكمأة”.. ثروة اقتصادية كبيرة وإرث شعبي في مناطق شرقي سوريا

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

فطر “الكمأة”.. ثروة اقتصادية كبيرة وإرث شعبي في مناطق شرقي سوريا

يصدح الحاج ناجي إسماعيل إدريس، بصوته العالي معلناً عن بدء المزاد اليومي لمحصول فطر “الكمأة” الذي وصل للتو إلى متجره، قادما من مناطق أرياف محافظة الحسكة، شرقي سوريا.

خلال موسم جني الكمأة، أو “الجمة” كما يسميها سكان الجزيرة والفرت، يتقاطر التجار من جميع مناطق الجزيرة السورية والمحافظات الأخرى، كل يوم إلى متجر الحاج إدريس، صاحب أقدم مركز لتجارة فطر “الكمأة”، ليبتاعوا الكميات الواصلة من مناطق المركدة والشدادي وجبل عبدالعزيز.

يختزن الفطر الذي ينمو تلقائيا في أراضي البادية السورية، الكثير من الموروث الشعبي والحضاري لسكان الجزيرة السورية وبلاد الشام، وهو من النباتات التي تظهر في بدايات الربيع، في سنين الخير غزيرة المطر، إلا أن ذلك لا يلخص قصته الكاملة.

يقول الحاج ناجي إدريس لمراسل “سبوتنيك” شرقي سوريا ، إن موسم جني “الكمأة” يعدّ من المواسم القصيرة نسبياً، إلا أن المردود المادي بالنسبة إلى العاملين فيه يكون مرتفعاً قياساً بالمحاصيل الأخرى، خصوصاً لأبناء الأرياف من رجال وأطفال نساء وكبار سن.

واتخذت الكمأة خلال السنوات الأخيرة، منحى اقتصاديا مهما للسوريين الذين يخضعون لعقوبات أمريكية قاسية، فهي تشكل مصدر دخل موسمي لآلاف الأسر التي تمتهن البحث عنها.
كما تذهب بعض التقديرات إلى أن مواسم الكمأة في السنوات الأخيرة، أضافت نحو نصف مليار دولار سنويا إلى الصادرات السورية، وهو ما يضفي قدرا من التوازن على ميزان المدفوعات، سواء تم تصدير الفائض منها بشكل نظامي أم تهريبا.

الحاج إدريس، يقول لـ”سبوتنيك”: يعدّ هذا الموسم إضافياً بالنسبة إلى سكان المناطق الريفية، لأنه يخرج هذه الثمرة من خيرات الطبيعة دون أن يتدخل الإنسان في زراعتها، فهي تعتمد على الأمطار والرعد في فصل الخريف، وتخرج في فصل الربيع في شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل.

وخلال الشهر الأخير، قتل العشرات برصاص مسلحين استهدفوهم أثناء جمع “الكمأة” بمناطق متفرقة من البادية السورية المتصلة مع (منطقة الـ 55 كم) التي تتحلق حول قاعدة “التنف” الأمريكية عند الحدود السورية الأردنية العراقية، وكشف مصدر أمني لـ”سبوتنيك”: أن هذه العمليات التي شنها هؤلاء المسلحون تحت غطاء “داعش” (تنظيم إرهابي محظور في روسيا ودول عديدة)، تلقت دعما عسكريا ولوجستيا من قاعدة “التنف”.

ويؤكد الحاج إدريس أن الموسم الحالي شهد زيادة كبيرة في محصول الكمأة، مشيرا إلى أن مركزه التجاري وحده يستقبل نحو الــ 3000 كغ يومياً.

وتشتهر أراضي البادية على وجه الخصوص بهذه الثروة الطبيعية، وذلك لقلِّة الزراعة والرعي فيها، إذ أن هذين النشاطين يقلصان المواسم التي تنمو دون تدخل البشر.

وسجلت أسعار الكيلو الواحد منه بالجملة نحو الخمسين ألف ليرة سورية، وذلك مع بدء تصديره إلى الدول المجاورة مثل العراق وتركيا ومنها إلى دول الخليج، أو تسويقه إلى أسواق المحافظات الأخرى مثل الرقة وإدلب وحمص ودمشق وريفها.

ويتابع الحاج إدريس: يعدّ الموسم الحالي قياسياً وناضجاً لأنه قد دخل في موعده الحقيقي، مشيراً إلى أن الكميات التي تصل إلى الأسواق يوميا تصل الى مئات الاطنان من أنواع “الزبيدي والحرقة والحدجة والهبري”، وأن الطلب يكثر على النوعين الأخيرين بسبب تحملهما للأجواء المناخية وإمكانية تخزينها كمؤونة، في حين يذهب النوع الأول للتصدير لإنه غير مرغوب في مناطقنا.

وتوصف الكمأة بأنها ابنة البرق والرعد، ويفيض موسمها إن جاء المطر في أوائل الخريف، وسعرها أعلى من سعر اللحوم بنحو الضعف، وهي من أنكه المأكولات، وتحضّر بطرائق متعددة، حسب البيئة وما اشتهرت به مطابخها.

جهاد إسماعيل، أحد سكان مدينة الحسكة، شرح لـ “سبوتنيك” عن طرائق طبخ “الكمأ” عند أهل الجزيرة السورية قائلاً: “تحك وتنظف من الرمل والتراب، وتسلق في الماء المملح، وفي هذه الحالة تؤكل كنقل، وتفرم بعد سلقها وتقلَّى بالسمن العربي، وبوضع فوقها البهار.

ويضيف إسماعيل: “أيضاً، يجعلونه مع اللحمة والسمنة، وتوضع فوق البرغل، وتطبخ مع البرغل، بعد قليها بالسمن، وتوضع دقائق على النار، ثم تقدم، كما يطبخها الأغنياء “محشي” وتحشى بعد تفريغها باللحمة والمكسرات، وأيضاً تفرم مع اللحمة وتشوى على النار بطريقة “الكباب”، وهذا النوع من أنكه أنواع طبخها، أو تشوى مع لحمة الشقف والسمبوسك والكبب”، بحسب إسماعيل.

و”للكمأة” طعم لذيذ وألوان ثلاثة مختلفة: اللون الرمادي المائل إلى السواد، واللون الأحمر الذي يشبه لون البطاطا، وكذلك اللون الأبيض. وعلى الرغم من اختلاف ألوانه إلا أن طعمه واحد.

وفي موسم “الكمأة” يخرج الكثير من السوريين رجالا ونساء للبحث عن “الكمأة”، فيجمعون منه كميات كبيرة ويذهبون به إلى السوق ويبيعونه بأسعار باهظة وذلك لما يتمتع به من مذاق لذيذ.

وقد سجلت البادية السورية عددا كبير من الحوادث التي نتيجة عن انفجار الألغام والمفخخات أو الهجمات التي نفذتها فلول تنظيم “داعش” الإرهابي.

سبوتنيك

اقرأ ايضاً:قريباً.. تسعيرة جديدة للمنشآت السياحية في سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى