الاخبار

السعوديّون في سوريا

وكالة أوقات الشام الاخبارية / shaamtimes.com

هي الهزات الارتدادية للزلزال. الارتدادات العاطفية، التي لاحظ ميشال أونفراي أنها لا بد أن تحدث هزة في اللاوعي. توقع أن يشهد الشرق الأوسط تغيرات مثيرة في العلاقات، بعدما شاعت “ثقافة الهذيان في منطقة لطالما كانت ضحية الصراعات على الهباء” .

دعوة من الفيلسوف الفرنسي الى بلدان المحيط،، التي لا تزال تعيش الهاجس الأمبراطوري للخروج من هذه الدوامة “لأن صناعة الأزمنة باتت في أيد أخرى”. في رأيه أن المنطق يفترض أن تتمحور الامكانات حول طريقة الشراكة في صناعة القرن، لا مجرد “الرقص على ما تبقى من التاريخ”!

كل الصراعات هي لمصلحة الأمبراطوريات الأخرى. الأمبراطورية الأميركية تحديداً، ان لم نقل الأمبراطورية “الاسرائيلية”، التي تسللت الى عقر دارنا عبر “خطوط الدم”، كما اعترف المعلق “الاسرائيلي” جدعون ليفي.

حتماً تغيّرات في العلاقات. من يصل أولاً الى دمشق الأتراك أم السعوديون ؟ الأمير فيصل بن فرحان، ومن ميونيخ، كاد يقول إنه يعدّ حقيبته للتوجه الى مدينة محيي الدين بن عربي. كلامه كان واضحاً. الرئيس جو بايدن كان هناك. بطبيعة الحال يتفادى صدمة أخرى من الرياض تزيد في مأزقه الداخلي والخارجي.

سوريا هي المثال على ما تعنيه الصراعات المبرمجة. ثمة بلد كان على وشك أن يصبح النمر في غرب آسيا (اذا زرتم مصانع حلب). كل شيء تحول الى خراب.

هل العرب من يقررون مصير سوريا الآن؟ حتى أن اردوغان الذي لعب في كل الاتجاهات، وجد نفسه أمام الأميركيين و”الاسرائيليين”. لا مجال أمام الروس، بحساباتهم المعقدة في المنطقة، أن يفعلوا شيئأ. الايرانيون يقبعون على مسافة تتعدى الـ 100 كيلومتر من الجولان، وحتى من مناطق وجود الجيب الأميركي.

لم تتحول سوريا الى ولاية عثمانية، لتمضي لعبة “الدومينو” الى سائر أرجاء العالم العربي. هذا بالتحديد ما رمت اليه نظرية أحمد داود أوغلو (النيوعثمانية). الاستيلاء على السلطة في كل من القاهرة ودمشق، يعني الاطباق على المدن العربية الأخرى…

ولم تسقط سوريا في دوامة الحروب الأبدية. أكثر من مرة أشرنا الى كلام ديفيد شيلد، نائب مدير الاستخبارات في البنتاغون، حول وجود 1200 فصيل على الأرض السورية. كان لهذه الذئاب أن تحوّل سوريا الى مستودع للجماجم. ماذا عن لبنان كامتداد طبيعي وهش لسوريا؟

السعوديون يعلمون ذلك، ولطالما أبدوا ذهولهم حيال محاولة الرئيس التركي حث الأميركيين على “خلع” الأمير بن سلمان، تزامناً مع تلك البروباغندا الهيستيرية التي واكبت قضية مقتل جمال خاشقجي الذي لم تكن أفكاره في أي حال، أقل هولاً من أفكار أبي بكر البغدادي.

بالرغم من ذلك، وفي ظل التفاعلات الاستراتيجية في المنطقة، اقتضت الضرورة عودة العلاقات ـ نسبياً ـ بين الرياض وأنقرة الى طبيعتها.

متى أساء بشار الأسد الى المملكة؟ لطالما أفضى التفاهم السعودي ـ السوري (معادلة الـ س ـ س) الى حل الأزمات في لبنان، كما اشاع حالة من الاستقرار في المنطقة.

العامل الايراني كان طارئاً، ان في لبنان حيث كان للمساعدات التي قدمها آيات الله دور مهم في دحر الاحتلال وتحرير الأرض، أو في صمود سوريا حيث تمكن مقاتلو الكهوف من اختراق نقاط حيوية في دمشق، وان كانت القاذفات الروسية هي من دمرت شبكات الامداد، ليصبح مقاتلو الخطوط الأمامية في العراء.

وقت الجراح هو وقت القلوب، هكذا قال بن عربي. من ميونيخ، بدأت المسيرة السعودية نحو دمشق. الأميركيون حاولوا أكثر من مرة ثني المملكة عن ذلك. ثمة نوع من “العصيان السعودي” على الفوقية الأميركية. أبواب دمشق توصل حتى الى صنعاء. بامكان الديبلوماسية السورية أن تفعل الكثير لاقفال التراجيديا اليمنية.

حين سألت رئيس تحرير صحيفة سعودية عن زيارة الأمير فيصل بن فرحان لسوريا، أجابني “ما استطيع قوله لك أننا سنتناول العشاء معاً في بلودان هذا الصيف”. لا بد أن نمشي كالسكارى في حوار دمشق. قلنا كيف يمكن لأحد أن يكون عربياً ان لم يكن عاشقاً لدمشق…؟

نبيه البرجي – الديار

اقرأ أيضا: تايمز أوف إسرائيل: نتنياهو عقد اجتماعات سرية مع قادة الجيش والمخابرات.. هل تهاجم إيران وحدها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى